المخيم وحق العودة
ترسخ المخيمات الفلسطينية كالرواسي في أرجاء دائرة المواجهة مع العدو الصهيوني تتطلع من نوافذ الأمل إلى الأرض المغتصبة تقعد كالصخور على قلب كل من يأمل بلحظة الأمان في أرض ليس له فيها حق ولا من آبائه له فيها إرث .
والعودة هي الأمل والعمل والإلهام لكل من يسكن المخيم بها يفتتح النهار بالدعاء بعد التسبيح ومنها يستلهم قوة العمل ولها يكرس كل فكر .
كم تكرر الحلم نفسه لدى اللاجئ فصار سرابا، وكم صافح لاجئ آخر وتمنى له عودة في عامه اللاحق، وجاء عامه اللاحق واللاحق، وكم من مناسبة نعى فيها الفلسطيني آماله وأحلامه – لكنه لا زال ينام ويحلم، ويصحو ويأمل، ولا زال يرددها دون خجل أو خوف – كل عام وأنت في يافا- يعرف أن هناك من يرفضها ويقاومها ويحطمها ، لكنها القوة الثائرة من قلب الموت -ولم يحن موعد قيامة البشر بعد- إنها بعيدة فان هنالك أمل قبلها ،فلم اليأس، والعودة أكيدة.
تعتبر قضية اللجوء والتهجير الفلسطيني اليوم أقدم قضية لجوء في العالم وأوسعها انتشارا، وفي الوقت ذاته، يشكل اللاجئون والمهجرون الفلسطينيون حوالي ثلاثة أرباع الشعب الفلسطيني، ويعتبر اللاجئون الفلسطينيون (بمن فيهم المهجرون في الداخل) اليوم من أضخم المجموعات المهجرة في العالم وأوسعها انتشارا، إذ يشكلون حوالي ثلث مجمل تعداد اللاجئين في العالم.
ويعيش ثلث اللاجئين في المخيمات حيث توفر وكالة الغوث الدولية ((الاونروا)) الخدمات الأساسية بينما يعيش ثلثي اللاجئين خارج المخيمات، وتعرف الأمم المتحدة اللاجئ الفلسطيني في وثائقها بأنه كل شخص كان له مسكنه العادي في فلسطين لعامين سبقا نزاع 1948 والذي بنتيجته خسر منزله ووسائل عيشه ولجأ في عام 1948 إلي واحد من البلدان التي تقدم الأونروا فيها خدماتها وأن يكون مسجلا في مناطق عملياتها.
ورغم ما تعيشه الأراضي الفلسطينية من واقع صعب، لا يبدو فيه النور في آخر النفق، ورغم المبادرات المتتالية التي تغفل أو تتنازل عن حق اللاجئين في العودة، فإن اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية يؤكدون مع قرب حلول كل ذكرى للنكبة تمسكهم بحق العودة إلى قراهم ومدنهم التي هجروا منها قسرا على أيدي من وصفوها بالعصابات الصهيونية عام 1948.
ويؤمن الفلسطينيون أن وجود اللاجئين خارج ديارهم يضرب الهوية الفلسطينية في الصميم، وأن حقهم في العودة يتجاوز قرارات الأمم المتحدة، وينبع من حقهم في العيش داخل وطنهم، ويعتبر الفلسطينيون أن اعتراف إسرائيل بما ارتكبته في حق الشعب الفلسطيني أمر مبدئي، لا يجوز التنازل عنه.
وقد شغلت قضية اللاجئين الفلسطينيين الأوساط السياسية والدبلوماسية في هيئة الأمم المتحدة منذ حرب العام 1948 على أثر نشوء ظاهرة اللاجئين الفلسطينيين وبناءً على مشروع قرار قدمته بريطانيا أصدرت الأمم المتحدة العديد من القرارات بصدد الموقف من قضية اللاجئين التي تتحدث أو تتناول عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، ولكن القرار الأهم بين معظم القرارات سواء الصادرة عن الجمعية العمومية أو مجلس الأمن -القرار رقم (194)- بتاريخ 11/12/1948 الذي يقضي بإعادة اللاجئين والتعويض عليهم ويعلن في الفقرة (11) منه أن الجمعية العامة تقرر وجوب السماح للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش في سلام مع جيرانهم، بأن يفعلوا ذلك في أقرب وقت ممكن عملياً، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة وعن كل فقدان أو ضرر يصيب الممتلكات، ويتعين بمقتضى مبادئ القانون الدولي أو عملاً بروح الأنصاف أن على الحكومات أو السلطات المسؤولة التعويض عنه.
(اشتقت هذه الورقة من ورقة عمل للدكتور يحيى ندى بعنوان ممارسات المدارس الفلسطينية لترسيخ حق العودة في مؤتمر حق العودة المنعقد بتاريخ 11-12-2006 في رام الله.)